خطة إحياء أسواق حلب: ترميم البنية، إنعاش الحرف، وتطوير السياحة المستدامة
مقدمة: لماذا إعادة إحياء أسواق حلب مهمة الآن؟
أسواق حلب التاريخية (سوق المدينة والطرق المتصلة بها) ليست مجرد مبانٍ حجرية؛ بل هي شبكة اقتصادية وثقافية عُرفت عبر قرون كمحور للتبادل التجاري، للحرف اليدوية، وللهوية الاجتماعية للمدينة. تُعرّضت هذه الأسواق لأضرار شديدة خلال سنوات النزاع والزلازل، ما أثر على آلاف العائلات المعتمدة على التجارة والحرف التقليدية، وجعل استعادتها أولوية لإعادة الحياة إلى الحي القديم وللحفاظ على التراث العالمي لِحلب.
تعكس خطة الإحياء أولوية مزدوجة: استعادة البنية التاريخية بشكل يحافظ على الأصالة، وفي الوقت نفسه تأمين سبل عيش مستدامة عبر دعم الحرفيين وتطوير سياحة تحترم المجتمع المحلي وبيئته.
الواقع الحالي والمشروعات الجارية
قدمت اليونسكو وتقييمات دولية أخرى تقارير مفصّلة عن مستوى الأضرار في المدينة القديمة، موضحة أن جزءًا كبيرًا من المباني التاريخية تضرر بشدة وأن الاستجابة تتطلّب تنسيقًا دوليًا ومحليًا مستدامًا.
على أرض الواقع، بدأت جهات فاعلة مثل Aga Khan Trust for Culture بعمليات ترميم انتقائية منذ 2018، واسترجعت حتى الآن مئات المحلات وقطع من ممرات السوق كجزء من خطة مرحلية تهدف لإعادة النشاط التجاري تدريجيًا. أشار تقرير المؤسسة إلى إعادة 277 محلاً وإصلاح مساحات ممرية واسعة ضمن جهودها بالمخطط التاريخي للسوق.
مع ذلك، تفرض عوامل خارجية مثل أضرار الزلزال في 2023، وتأخر وصول بعض التمويلات الدولية، والعقوبات على سوريا تحديات حقيقية أمام تسريع المشاريع الكبيرة، ما دفع الكثير من السكان لاعتماد جهود إحياء محلية بموارد محدودة.
خطة العمل المقترحة: مبادئ ومحاور تنفيذية
تستند الخطة إلى ثلاثة محاور متكاملة: البنية التحتية والترميم، دعم الحرف والاقتصاد المحلي، وتطوير سياحة مستدامة. لكل محور خطوات قابلة للتطبيق قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى:
1) البنية التحتية والترميم
- تقييم شامل للأضرار وتوثيق رقمي للممتلكات والتراث (مسح بالدرون والتصوير ثلاثي الأبعاد).
- أولوية التثبيت الطارئ للمباني المعرضة للانهيار ثم ترميم ترقيعي يحافظ على الأصالة المفرطة.
- شبكة خدمات أساسية: صيانة شبكات الكهرباء والمياه، إدارة مخلفات البناء، وإعادة تأهيل المسارات كي تكون آمنة للزوار والبائعين.
2) دعم الحرف والاقتصاد المحلي
- برنامج منح وصندوق ميكروفينانس لاستعادة المحلات وتمويل مواد حرفية محلية.
- مراكز تدريب مهنية لإعادة إحياء مهارات متضررة (نسيج، صابون حلبي، نحّاتة، تطريز) مع شهادات معترف بها لزيادة فرص البيع على الأسواق المحلية والدولية.
- نظام أولويات لعودة أصحاب المحلات الأقدم وتسهيلات قانونية لاستعادة الملكية أو بدل إيجار مؤقت.
3) سياحة مستدامة ومنافع مجتمعية
- بناء برنامج زيارات محلية ومحدودة العدد يربط الزيارة بتجربة حرفية (ورش عمل قصيرة، أسواق ليلية منتقاة) مع قواعد واضحة للحفاظ على الخصوصية والأثر الاجتماعي.
- تطوير مسارات تعليمية وتراثية داخل السوق مع لوحات تفاعلية ومواد رقمية بعدة لغات.
- إشراك المجتمع المحلي في حوكمة المشاريع بواسطة مجالس تمثيلية تضمن توزيع المنافع والوظائف.
جدول زمني تمهيدي (مقترح)
| المدى | أهداف رئيسية |
|---|---|
| 0-12 شهر | تثبيت منشآت خطرة، تنظيف الأنقاض، إطلاق صندوق إنعاش الحرفيين. |
| 1-3 سنوات | ترميم أقسام محددة للسوق، إعادة فتح 200-400 محل بدعم جهات مانحة وشركاء محليين. |
| 3-7 سنوات | إعادة الشبكة التجارية، بنية تحتية سياحية متوازنة، واستدامة مالية عبر شراكات عامة-خاصة. |
نماذج عمل مماثلة نفذتها منظمات دولية أظهرت أن النهج المتدرج والتشاركي مع المجتمع المحلي يؤدي لنتائج مستدامة أكثر من مشاريع الترميم السريعة المعزولة.